التعليم: هو عملية يقوم بها المدرس في المراحل التعليمية، ويتم في التعليم تعليم الطرائق والأساليب التي يتمكن بواسطتها من الوصول إلى الحقائق.
ويستند التعليم إلى الأركان التالية: المعلم، والمتعلم، والمنهاج.
الركن الأوّل: المعلم
يعتبر المعلم الركن الأساسي في العملية التدريسية وعليه يقع العبء الأكبر في كثير من الأمور التي تؤدي إلى نجاح العملية التدريسية أو فشلها.
ومع تطور النظريات التربوية أتى وقت من الأوقات كان فيه عمل المعلم هو عمل إشرافي، بحيث تُرك المجال للتعلم الذاتي، ولكن مع ذلك لم يُهمل دور هذا المعلم حتى لو اقتصر عمله على الإشراف فقط.
وقد وجد القائمون على العملية التربوية أن المعلم مسؤول مسؤولية مباشرة عن أي تراجع في العملية التعليمة، فقد أشار تقرير "أمة في خطر" الذي صدر في أمريكا عام 1983م إلى أن التعليم قد تراجع في أمريكا تراجعاً خطيراً، وعلى إثر هذا التقرير انطلقت الخطوات العاجلة لإصلاح التعليم في الولايات المتحدة، والتي وضعت نصب عينيها الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع الخطير، فكان المعلم هو السبب الرئيس فيما وصلت إليه الأمة الأمريكية من ضعف تعليمي، فكان لا بد من العمل على الارتقاء بمستوى تأهيل المعلمين لديها، ولم يأتِ عام 1988م إلا وقد طبقت 44 ولاية أمريكية نظام امتحان الكفاية، والذي يتحدد بموجبه مدى كفاءة المعلم المتقدم لشغل هذه الوظيفة. وسعوا إلى العمل على إعطاء المعلم مزيداً من المكانة المهنية والحرية والثقة، بما يمنحه استقلالية ومكانة اجتماعية مميزة، تعيده كقدوة لها احترامها ومكانتها في النفوس.
أما في بلادنا فقد كان المعلم ومازال أساس العملية التعليمية، ولكننا لا نحتاج إلى كبير عناء لنعرف أن إعداد المعلم ليكون أهلاً لحمل عبء العملية التعليمة قد تراجع بصورة كبيرة، وذلك لأسباب كثيرة لسنا في وارد الحديث عنها الآن، مما انعكس على مستوى التعليم وجودته والذي يترجمه تدني مستوى الطلاب الثقافي والتعليمي بشكل ملحوظ وواضح. فتدني مستوى المعلمين هو السبب المباشر لتدني الحصيلة التعليمية.
وإذا رحنا نبحث عن أسباب فشل المعلم في أداء مهمته المطلوبة نجد هناك أسباباً كثيرة، يمكن أن نذكر منها:
1- قلة أو بالأحرى (انعدام وأقول هذا ليس عن تجن، ولكنه الواقع للأسف) اطلاع المعلم على الكتب والمراجع التربوية والنفسية والاجتماعية. فالقراءة والتثقيف الذاتي غائب غياباً شبه كامل عند معلمينا حتى في مجال اختصاصهم نفسه، فهم اكتفوا بترديد منهاج أو عدة مناهج في كل سنة، بحيث نجد أن المعلمين باتوا يحفظون الدرس الذي يريدون إلقاءه عن ظهر قلب وما عليهم سوى ترديده على مسامع الطلاب، دون عناية بالجديد الحاصل في مجال الدرس، ودون عناية بالواقع الذي يعيشه الطلاب، والتغيرات المتسارعة التي تجري في العالم.
2- عدم اهتمام المعلم بتحسين مستواه، وتهربه من الدورات التي تهدف إلى تطويره وزيادة كفاءته. مع أن المعلم المخلص يجب أن يسعى لتطوير ذاته، ويسعى لإعداد نفسه بكافة الأبعاد ثقافياً وأكاديمياً ومهنياً. وعملية التطوير هذه يجب أن تكون مستمرة ومتصلة ومتطورة.
3- قلة المهارات والكفايات اللازمة التي تساعد المعلم على تحقيق المعلومات المكتسبة في برامج الإعداد التربوي في المعاهد والكليات التربوية، والتي تجعل هذه المعلومات النظرية قابلة للتطبيق العملي المناسب للبيئة والإمكانيات المتاحة في المدرسة أو الصف.
4- جهل المعلم بالمتعلم، وبمراحل نموه وحاجاته وطرق الوصول إليه، بالإضافة إلى اعتقاد كثير من المعلمين بأن المعلم هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الصف فيلغي دور المتعلم ويهمشه، وتنقلب العلاقة بين المعلم والمتعلم إلى علاقة تسلط وتحكم من قبل المعلم بالمتعلم، حتى صار هناك كره متبادل بين الطرفين، وسوء تفاهم دائم بينهما، فالمعلم يشكو من تمرد الطلاب وقلة أدبهم، والطلاب يشكون من تسلط المعلم وصراخه واحتقاره لهم.
وفي سؤال وجهته لمجموعة من الطلاب عن أكثر ما يزعجهم في المدرسة أجاب كثير منهم بأنهم ينزعجون من احتقار المعلمين لهم وتسلطهم عليهم وصراخهم الدائم في الصف، صحيح أنهم قالوا بأن المعلم يريد مصلحتهم ولكنهم اشتكوا بأنهم لا يشعرون بمحبة المعلم لهم ولا بتفهمه لاحتياجاتهم.
5 - اللامبالاة عند كثير من المعلمين, والتي نشأت بسبب قلة الدافع، أو عدم محبة المعلم لمهنته، أو شعوره بالعجز بسبب الظروف العامة المحيطة (ضعف العوائد المالية، ضعف الإمكانات الصفية، ضعف المناهج.....إلخ)، مما أدى إلى عدم بذل الجهد المطلوب، والاكتفاء بإلقاء اللوم على الإدارة والطلاب والمجتمع، مع أن المعلم هو المسؤول الأول وبإمكانه، مهما كانت الظروف صعبة، أن يؤدي مهمته بطريقة مخلصة متقنة.
إن مهنة التعليم من أصعب المهن وأشقها وأكثرها أهمية، ونظريات التربية والتعليم تتطور باستمرار، هذا بالإضافة إلى التسارع الهائل في الاختراعات والمكتشفات، فلا بد للمعلم من تطوير نفسه، حتى يبقى معلماً متجدداً قادراً على الخلق والإبداع.
وهناك طرق ووسائل عديدة من أجل تحقيق هذا التطور, نذكر منها:
1- القراءة والمطالعة المستمرة: فالمطالعة هي عنصر أساسي في ثقافة المعلم، ويجب أن تكون متنوعة فلا يكتفي المعلم بالإطلاع على الكتب المتعلقة باختصاصه، ولكن يجب عليه أن يسعى إلى اكتساب ثقافة متنوعة تساعده على أداء مهتمه بصورة متقنة.
كثيراً ما نسمع من المعلمين وغيرهم بأن الكتب غالية الثمن ولا يوجد وقت للمطالعة والقراءة بسبب انشغال المعلم بأموره الخاصة بعد انتهاء دوامه، وبرأيي أن هذه الحجج هي حجج واهية ولن أطلب منكم إلا وقفة صادقة مع الذات لتعرفوا أن المطالعة هي في النهاية عادة مفيدة وغير مكلفة، وأن حجة غلاء الكتب يدحضها توفر هذه الكتب في المراكز الثقافية والمكتبات العامة، وحتى عند الأصدقاء. بل إن ثمن كتاب ما, يبقى معنا طول العمر يغذي عقولنا ويزكي أرواحنا, لا يمكن أن نعده خسارة إذا قارناه مثلاً بالصرف على فاتورة الهاتف والنقال، ذلك الجهاز الذي أصبح متلفة للمال ومضية للوقت، أو على التدخين المضر بالصحة.
2- التحضير الجيد للدرس بشكل يومي، والذي يجب أن يقوم به المعلم باهتمام معتمداً على مطالعته التي ستساعده على اكتشاف طرق جديدة لتحقيق نتائج جيدة في عمله.
3- التمرن على الكتابة والبحث العلمي الذي سيصقل خبرة المعلم ويخرجه من رتابة العمل الوظيفي إلى رحابة الإبداع والإتقان وتنظيم العمل، وهذا سيساعده أيضاً على التقييم والتقويم. هذا بالإضافة إلى أن البحث العلمي سيعوده الرجوع إلى المراجع المختلفة وسيفتح أمامه الباب واسعاً للمعرفة والتميز.
4- الزيارات والرحلات العلمية والاطلاعية والاندماج بالمجتمع، وملاحظة المساوئ ونقدها، والعمل على ربط العملية التعليمية بالواقع.
هذا على مستوى عمل المدرس على تطوير ذاته وزيادة خبرته وتحسين كفايته. أما نجاح المعلم في تعديل سلوك طلابه فيرتبط بالأمور التالية:
أ- ملاحظته الدائمة للمتعلمين حتى يتمكن من معرفتهم معرفة كاملة ويعرف الفروق الفردية بينهم وذلك من خلال تخصيص جزء من وقت الحصة للمناقشة وتبادل الآراء ووجهات النظر.
ب- الاستماع للمتعلمين وعدم احتقارهم والتواصل معهم، وجذب انتباههم, وتهيئة فرص التعليم الفردي والممارسات والنشاطات الأخرى داخل الصف وخارجه.
وأن يمتلك المعلم شجاعة أدبية في الإفصاح عن مستوى طلابه، وعدم التمييز فيما بينهم، وتنمية ثقتهم بأنفسهم، والابتعاد عن تحقيرهم مهما كانت الأسباب.
ج- حسن تنظيم وإدارة الصف، من خلال تحديد الأهداف المراد الوصول إليها في درسه، وحسن تنظيم الوقت والاستعانة بالوسائل التعليمية، واختيار الطريقة المناسبة لعرض المعلومة.
د- على كل مرب أن يكون طموحه هو تميّز طلابه لا تميزه هو، وتميّز الطلاب لا يُقصد به ارتقائهم العلمي فقط، بل يقصد به الارتقاء بهم نفسياً وأخلاقياً وفكرياً وعلمياً. صحيح أن المربي المتميز سيجد نتائج تميزه على أرض الواقع من خلال نتائج طلابه، ولكن هذه النتائج ستكون في جانب التحصيل العلمي على أبعد تقدير، بينما لو جعل طموحه تميّز طلابه فكرياً ونفسياً وأخلاقياً وعلمياً، فإنه سيكتشف أن عليه بذل جهد مختلف تماماً لتحقيق هذا الطموح.
إن وعي المعلم بماهية العمل الذي يقوم به وأهميته وتأثيره على المجتمع ككل هو أساس النهضة والتقدم والحضارة والقوة لأي بلد من البلدان، وعلى هذا فمسؤولية المعلم في بلادنا هي مهمة مضاعفة لأن مسؤولية النهضة هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق الجميع، فالمعلم هو الذي يصنع الفئة الواعية التي ستكون قدوة لغيرها من أفراد المجتمع والتي ستقودهم لتحقيق النهضة المطلوبة.
أما المعلم الناجح برأيي فهو الذي يتصف بما يلي:
1 ـ الرقي في الأخلاق والسلوك.
2 ـ سعة أفقه العقلي والميل إلى الاطلاع العلمي.
3 ـ جاذبية المدرس ومظهره الشخصي ونظافته.
4 ـ سعة ميوله وحبه لعمله وعنايته به.
5 ـ الدقة في المواعيد, والمحافظة على العهود.
6 ـ الصدق والأمانة والصبر والقوة والثبات والتعاون.
7 ـ الحماس والانطلاق والحيوية.
8 ـ الحكم السليم.
9 ـ الحزم وضبط النفس وسعة الصدر.
ولنا لقاء آخر لبيان الركن الثاني: وهو المتعلم، وبيان دوره في العملية التعليمية التعلمية.
والله الموفق.
ويستند التعليم إلى الأركان التالية: المعلم، والمتعلم، والمنهاج.
الركن الأوّل: المعلم
يعتبر المعلم الركن الأساسي في العملية التدريسية وعليه يقع العبء الأكبر في كثير من الأمور التي تؤدي إلى نجاح العملية التدريسية أو فشلها.
ومع تطور النظريات التربوية أتى وقت من الأوقات كان فيه عمل المعلم هو عمل إشرافي، بحيث تُرك المجال للتعلم الذاتي، ولكن مع ذلك لم يُهمل دور هذا المعلم حتى لو اقتصر عمله على الإشراف فقط.
وقد وجد القائمون على العملية التربوية أن المعلم مسؤول مسؤولية مباشرة عن أي تراجع في العملية التعليمة، فقد أشار تقرير "أمة في خطر" الذي صدر في أمريكا عام 1983م إلى أن التعليم قد تراجع في أمريكا تراجعاً خطيراً، وعلى إثر هذا التقرير انطلقت الخطوات العاجلة لإصلاح التعليم في الولايات المتحدة، والتي وضعت نصب عينيها الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع الخطير، فكان المعلم هو السبب الرئيس فيما وصلت إليه الأمة الأمريكية من ضعف تعليمي، فكان لا بد من العمل على الارتقاء بمستوى تأهيل المعلمين لديها، ولم يأتِ عام 1988م إلا وقد طبقت 44 ولاية أمريكية نظام امتحان الكفاية، والذي يتحدد بموجبه مدى كفاءة المعلم المتقدم لشغل هذه الوظيفة. وسعوا إلى العمل على إعطاء المعلم مزيداً من المكانة المهنية والحرية والثقة، بما يمنحه استقلالية ومكانة اجتماعية مميزة، تعيده كقدوة لها احترامها ومكانتها في النفوس.
أما في بلادنا فقد كان المعلم ومازال أساس العملية التعليمية، ولكننا لا نحتاج إلى كبير عناء لنعرف أن إعداد المعلم ليكون أهلاً لحمل عبء العملية التعليمة قد تراجع بصورة كبيرة، وذلك لأسباب كثيرة لسنا في وارد الحديث عنها الآن، مما انعكس على مستوى التعليم وجودته والذي يترجمه تدني مستوى الطلاب الثقافي والتعليمي بشكل ملحوظ وواضح. فتدني مستوى المعلمين هو السبب المباشر لتدني الحصيلة التعليمية.
وإذا رحنا نبحث عن أسباب فشل المعلم في أداء مهمته المطلوبة نجد هناك أسباباً كثيرة، يمكن أن نذكر منها:
1- قلة أو بالأحرى (انعدام وأقول هذا ليس عن تجن، ولكنه الواقع للأسف) اطلاع المعلم على الكتب والمراجع التربوية والنفسية والاجتماعية. فالقراءة والتثقيف الذاتي غائب غياباً شبه كامل عند معلمينا حتى في مجال اختصاصهم نفسه، فهم اكتفوا بترديد منهاج أو عدة مناهج في كل سنة، بحيث نجد أن المعلمين باتوا يحفظون الدرس الذي يريدون إلقاءه عن ظهر قلب وما عليهم سوى ترديده على مسامع الطلاب، دون عناية بالجديد الحاصل في مجال الدرس، ودون عناية بالواقع الذي يعيشه الطلاب، والتغيرات المتسارعة التي تجري في العالم.
2- عدم اهتمام المعلم بتحسين مستواه، وتهربه من الدورات التي تهدف إلى تطويره وزيادة كفاءته. مع أن المعلم المخلص يجب أن يسعى لتطوير ذاته، ويسعى لإعداد نفسه بكافة الأبعاد ثقافياً وأكاديمياً ومهنياً. وعملية التطوير هذه يجب أن تكون مستمرة ومتصلة ومتطورة.
3- قلة المهارات والكفايات اللازمة التي تساعد المعلم على تحقيق المعلومات المكتسبة في برامج الإعداد التربوي في المعاهد والكليات التربوية، والتي تجعل هذه المعلومات النظرية قابلة للتطبيق العملي المناسب للبيئة والإمكانيات المتاحة في المدرسة أو الصف.
4- جهل المعلم بالمتعلم، وبمراحل نموه وحاجاته وطرق الوصول إليه، بالإضافة إلى اعتقاد كثير من المعلمين بأن المعلم هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الصف فيلغي دور المتعلم ويهمشه، وتنقلب العلاقة بين المعلم والمتعلم إلى علاقة تسلط وتحكم من قبل المعلم بالمتعلم، حتى صار هناك كره متبادل بين الطرفين، وسوء تفاهم دائم بينهما، فالمعلم يشكو من تمرد الطلاب وقلة أدبهم، والطلاب يشكون من تسلط المعلم وصراخه واحتقاره لهم.
وفي سؤال وجهته لمجموعة من الطلاب عن أكثر ما يزعجهم في المدرسة أجاب كثير منهم بأنهم ينزعجون من احتقار المعلمين لهم وتسلطهم عليهم وصراخهم الدائم في الصف، صحيح أنهم قالوا بأن المعلم يريد مصلحتهم ولكنهم اشتكوا بأنهم لا يشعرون بمحبة المعلم لهم ولا بتفهمه لاحتياجاتهم.
5 - اللامبالاة عند كثير من المعلمين, والتي نشأت بسبب قلة الدافع، أو عدم محبة المعلم لمهنته، أو شعوره بالعجز بسبب الظروف العامة المحيطة (ضعف العوائد المالية، ضعف الإمكانات الصفية، ضعف المناهج.....إلخ)، مما أدى إلى عدم بذل الجهد المطلوب، والاكتفاء بإلقاء اللوم على الإدارة والطلاب والمجتمع، مع أن المعلم هو المسؤول الأول وبإمكانه، مهما كانت الظروف صعبة، أن يؤدي مهمته بطريقة مخلصة متقنة.
إن مهنة التعليم من أصعب المهن وأشقها وأكثرها أهمية، ونظريات التربية والتعليم تتطور باستمرار، هذا بالإضافة إلى التسارع الهائل في الاختراعات والمكتشفات، فلا بد للمعلم من تطوير نفسه، حتى يبقى معلماً متجدداً قادراً على الخلق والإبداع.
وهناك طرق ووسائل عديدة من أجل تحقيق هذا التطور, نذكر منها:
1- القراءة والمطالعة المستمرة: فالمطالعة هي عنصر أساسي في ثقافة المعلم، ويجب أن تكون متنوعة فلا يكتفي المعلم بالإطلاع على الكتب المتعلقة باختصاصه، ولكن يجب عليه أن يسعى إلى اكتساب ثقافة متنوعة تساعده على أداء مهتمه بصورة متقنة.
كثيراً ما نسمع من المعلمين وغيرهم بأن الكتب غالية الثمن ولا يوجد وقت للمطالعة والقراءة بسبب انشغال المعلم بأموره الخاصة بعد انتهاء دوامه، وبرأيي أن هذه الحجج هي حجج واهية ولن أطلب منكم إلا وقفة صادقة مع الذات لتعرفوا أن المطالعة هي في النهاية عادة مفيدة وغير مكلفة، وأن حجة غلاء الكتب يدحضها توفر هذه الكتب في المراكز الثقافية والمكتبات العامة، وحتى عند الأصدقاء. بل إن ثمن كتاب ما, يبقى معنا طول العمر يغذي عقولنا ويزكي أرواحنا, لا يمكن أن نعده خسارة إذا قارناه مثلاً بالصرف على فاتورة الهاتف والنقال، ذلك الجهاز الذي أصبح متلفة للمال ومضية للوقت، أو على التدخين المضر بالصحة.
2- التحضير الجيد للدرس بشكل يومي، والذي يجب أن يقوم به المعلم باهتمام معتمداً على مطالعته التي ستساعده على اكتشاف طرق جديدة لتحقيق نتائج جيدة في عمله.
3- التمرن على الكتابة والبحث العلمي الذي سيصقل خبرة المعلم ويخرجه من رتابة العمل الوظيفي إلى رحابة الإبداع والإتقان وتنظيم العمل، وهذا سيساعده أيضاً على التقييم والتقويم. هذا بالإضافة إلى أن البحث العلمي سيعوده الرجوع إلى المراجع المختلفة وسيفتح أمامه الباب واسعاً للمعرفة والتميز.
4- الزيارات والرحلات العلمية والاطلاعية والاندماج بالمجتمع، وملاحظة المساوئ ونقدها، والعمل على ربط العملية التعليمية بالواقع.
هذا على مستوى عمل المدرس على تطوير ذاته وزيادة خبرته وتحسين كفايته. أما نجاح المعلم في تعديل سلوك طلابه فيرتبط بالأمور التالية:
أ- ملاحظته الدائمة للمتعلمين حتى يتمكن من معرفتهم معرفة كاملة ويعرف الفروق الفردية بينهم وذلك من خلال تخصيص جزء من وقت الحصة للمناقشة وتبادل الآراء ووجهات النظر.
ب- الاستماع للمتعلمين وعدم احتقارهم والتواصل معهم، وجذب انتباههم, وتهيئة فرص التعليم الفردي والممارسات والنشاطات الأخرى داخل الصف وخارجه.
وأن يمتلك المعلم شجاعة أدبية في الإفصاح عن مستوى طلابه، وعدم التمييز فيما بينهم، وتنمية ثقتهم بأنفسهم، والابتعاد عن تحقيرهم مهما كانت الأسباب.
ج- حسن تنظيم وإدارة الصف، من خلال تحديد الأهداف المراد الوصول إليها في درسه، وحسن تنظيم الوقت والاستعانة بالوسائل التعليمية، واختيار الطريقة المناسبة لعرض المعلومة.
د- على كل مرب أن يكون طموحه هو تميّز طلابه لا تميزه هو، وتميّز الطلاب لا يُقصد به ارتقائهم العلمي فقط، بل يقصد به الارتقاء بهم نفسياً وأخلاقياً وفكرياً وعلمياً. صحيح أن المربي المتميز سيجد نتائج تميزه على أرض الواقع من خلال نتائج طلابه، ولكن هذه النتائج ستكون في جانب التحصيل العلمي على أبعد تقدير، بينما لو جعل طموحه تميّز طلابه فكرياً ونفسياً وأخلاقياً وعلمياً، فإنه سيكتشف أن عليه بذل جهد مختلف تماماً لتحقيق هذا الطموح.
إن وعي المعلم بماهية العمل الذي يقوم به وأهميته وتأثيره على المجتمع ككل هو أساس النهضة والتقدم والحضارة والقوة لأي بلد من البلدان، وعلى هذا فمسؤولية المعلم في بلادنا هي مهمة مضاعفة لأن مسؤولية النهضة هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق الجميع، فالمعلم هو الذي يصنع الفئة الواعية التي ستكون قدوة لغيرها من أفراد المجتمع والتي ستقودهم لتحقيق النهضة المطلوبة.
أما المعلم الناجح برأيي فهو الذي يتصف بما يلي:
1 ـ الرقي في الأخلاق والسلوك.
2 ـ سعة أفقه العقلي والميل إلى الاطلاع العلمي.
3 ـ جاذبية المدرس ومظهره الشخصي ونظافته.
4 ـ سعة ميوله وحبه لعمله وعنايته به.
5 ـ الدقة في المواعيد, والمحافظة على العهود.
6 ـ الصدق والأمانة والصبر والقوة والثبات والتعاون.
7 ـ الحماس والانطلاق والحيوية.
8 ـ الحكم السليم.
9 ـ الحزم وضبط النفس وسعة الصدر.
ولنا لقاء آخر لبيان الركن الثاني: وهو المتعلم، وبيان دوره في العملية التعليمية التعلمية.
والله الموفق.
بقلم الأستاذة: حداد حبيبة
1 التعليقات:
السلام عليكم .
شكرا لك سيدتي على تناولك موضوعا بهذه الأهمية، و قد بينت فيه و بكل وضوح أهم أسباب و عوامل تدني مستوى الطلاب و التي ترتبط مباشرة بالمعلم كونه قطبا أساسا في المثلث البيداغوجي، و أستسمحك على أن أضيف عاملا لا يقل درجة، و ربما هو أكثر منها خطورة و هو عامل تكوين المعلم.
ينبغي التفكير في نوعية التكوين الذي يجعل من المعلم منظما لوضعيات تعليم تخدم التعلم بالمعنى الصحيح وأن يكون قادرا على تحويل المعارف والكفايات في ممارساته البيداغوجية اليومية لا أن تبقى مجرد معلومات نظرية لا تغنيه عند مواجهة وضعيات حقيقية في الصف كما هو الحال.
أقول هذا من منطلق أن الكثير من المعلمين و المعلمات يرغبون فعلا في إلقاء نظرة نقدية لممارستهم البيداغوجية و تجديدها من أجل بناء المعنى الصحيح للتعلم لدى التلاميذ و هم لا ينتظرون سوى من يمدهم بما يكون لهم دافعا و محفزا للسعي نحو هذا الهدف الذي يعتبر في الحقيقة غاية كل مربي .
إرسال تعليق