الأحد، 8 يونيو 2014

المقاربة النصية وعلاقتها باللسانيات الحديثة.

------------
مداخلة الأستاذة أمينة حسني
المدرسة العليا للأساتذة - بوزريعة
قدمت في الملتقى الوطني الأول للمعهد الخاص بالتعليمية واقع وآفاق (28-29 ماي 2014) 
-----------

لقد بات من المهم والضروري في عصر العولمة والتكنولوجيا المعرفية إثراء المناهج التعليمية والتربوية بنظريات لسانية جديدة تفكك النص الأدبي وتكشف عن المعطيات الدلالية والمعنوية ,والبنائية والشكلية والاستغناء عن المناهج التقليدية التي تقضي على روح النصوص الشعرية والنثرية.
ومع التطور التكنولوجي والحضاري ظهرت مناهج لسانية متعددة وظيفية ; توليدية تحويلية ; نفسية; نصية ;كل نظرية تسعى إلى مناقشة النصوص واستخراج أبعادها الداخلية ; فيتحقق بذلك التفاعل بين اللسانيات و الأدب ويخرج هذا الأخير من ظاهرة الجمود والتحجر المعرفي والمنهجي معا.


  ولذلك كله طرحنا الإشكالية التالية :
ما دور اللسانيات الحديثة وما علاقة نظريتها بالمقاربة النصية ؟
لسانيات النص:  تحديد المفهوم:
إن الحديث على لسانيات النص (Linguistique textuelle) حديث عن حقل معرفي يروم الاشتغال على النص باحثا عن آليات أنساقه و انسجامه ; أي تلك آليات التشكيلية و المعنوية التي تجعلنا نسم النص بالنصية textualité))    وتكتسي لسانيات النص أهميتها في كونها تحلل النص مركزة على جوانبه الجمالية والتركيبية والصوتية والبلاغية حتى تتحقق عن متلقي النص اللذة الجمالية وهو يتفاعل مع النص .
ولقد كان هدف لسانيات النص هو البحث في النصوص كوحدة دلالية تتشكل من متواليات من الجمل تربطها عناصر الاتساق والانسجام تربط جمالية أسلوبها بالتذوق الفني من جهة و بالشاعر ومواضيعه من جهة أخرى.
نظرا لقيام الدرس اللساني على منهجية علمية موضوعية تمت الاستفادة من نتائج هذا العلم واستثمر استثمارا كبيرا في مجال النقد والأدب والدليل على ذلك أن مفهوم الأدب قد تغير فنحن لا نعرف إلا هذا الذي يمكن أن يكون مكتوبا ولا يمكننا تصنيفه إلا ضمن الأجناس الأدبية المعروفة.
أما اللسانيات فتعتبر أن الأدب يمكن أن يكون منطوقا أو مكتوبا ; وتقول أيضا بأن هناك نصوصا أدبية تأتي من التراث الشفهي المنقول ; فالأمثال و الحكايات الشعبية أدب ;والزجل أدب; وبعبارة أخرى إن  أي نص منطوق  أو مكتوب يخضع للدراسة اللسانية التي تعتمد(منهج الإحصاء اللغوي) الذي يدرس النص سواء كان منطوقا أو مكتوبا ومعرفة الجملة الفعلية ونسبتها إلى الجملة الاسمية ونسبة الفعل إلى الاسم ; ونسبة الاسم إلى الصفة ; ونسبة تداخل هذه الجمل . وكل هذا سوف يعزز نتائج ضرورية للناقد للحكم على العمل الإبداعي .
و اللسانيات عندما تتناول الشعر و القصة و الرواية ,فإنها تنصف الكاتب بدقة متناهية وتعلمه في الوقت نفسه تقنيات الكتابة و إستراتيجيتها صوتيا و نحويا و دلاليا.
إن عمل اللساني يكمن في وصف وتفسير اللغة وفق هذا المعطى, أي تحديد ووصف وتفسير البني اللغوي انطلاقا من مستوياتها: الصوتية والمعجمية و التركيبية و الدلالية سواء تعلق بالشعر أو القصة أو الرواية.
وقد ساهمت هذه الرؤية (الجديدة) في التعامل مع الظاهرة لأدبية في اغناء العمل الأدبي عموما وتحليل و النقد بخاصة , مما انعكس ايجابيا على مختلف النتاجات الأدبية , حيث بدا الاهتمام بعناصر هامة مثل:
الوظائف و ألحكي و السرد و الوحدات الفرعية و الأساسية و العوامل من : ذات و بيئة و شخوص دلالية وعلاقة هذه الأخيرة بالأمكنة و الأزمنة و التشاكلات , وغيرها من المستويات و العلاقات التي تكفل للنص السردي تساجمه و و حدته ,في حين أنصب الاهتمام في مجال الشعر على التكرارات و التنويعات في مجال الأصوات والموضوعات و الصفات والمفردات و المركبات الكلامية و أنماطها
و أنوع الجمل وسماتها و الحقول الدلالية و العلاقات بينهما, و الصور و أبعادها الجمالية و البلاغية
و الأبنية التي تضمن ذلك الانسجام و الترابط و الوحدة التي يسعى إليها الأديب دون تجاهل علاقات هذه المقومات و تجلياتها بالمتلقي الذي لم يعد مستقبلا فحسب, بل منتجا او مساهما في عملية انتاج النص.
هكذا إذا نمت الدراسات المرتبطة بعالم النص في مفهومه الواسع و الجديد بتواز مع تطور الهائل الذي شهده الدرس اللساني بجميع فروعه.
ومما ساعد على هذا الارتباط بين البحث الأدبي و اللساني هو أن إستراتيجيات لسانية بنيوية أساسا,
تعتمد مقولات كبرى كالبنية و العلاقات و النموذج للتمييز بين الآني الدياكروني  الى أن تعامل البحث الأدبي مع اللسانيات لم يتوقف عند أطروحات نظرية لسانية, بل ان بعض الباحثين أنفسهم طوروا  أجهزتهم  المفاهيمية بتطور بحث اللساني , فمفاهيم النحو التوليدي وظفت و ان غير من ذلك مفاهيم : التحويل , البنية العميقة, البنية السطحية.
               

------------------------------
المراجع:                               
1.نايف حزما  أضواء على الدراسات العربية المعاصرة, سلسلة عالم المعرفة , المجلس الوطني للثقافة و الفنون والآداب ,الكويت.
2. أحمد حساني : دراسات لسانية تطبيقية, حقل تعليمية اللغات ديوان المطبوعات الجامعية,الجزائر.
3. الدكتور ع الرحمان الحاج صالح:اثر اللسانيات في النهوض بمستوى مدرسي اللغة العربية ,مجلة اللسانيات ,معهد العلوم اللسانية , معهد علوم اللسانية و الصوتية جامعة الجزائر , العدد4,ص30.
4. محمد خطابي :لسانيات النص مدخل الانسجام الخطاب ,المركز الثقافي العربي ,الطبعة الثانية ,2006.
5. إبراهيم خليل: نظرية النص و الأسلوبية, المؤسسة العربية للدراسات و النشر,1997.
-----------------------------

0 التعليقات:

إرسال تعليق