الأربعاء، 25 يونيو 2014

السياسة الاستعمارية في الجزائر-2-

-في الميدان الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي

       سبق أن ذكرنا أن السياسة الإدارية التي انتهجتها في الجزائر منذ الاحتلال كان هدفها الأساسي هو:
- ربط الجزائر إداريا بفرنسا.
- جعلها قطعة من أرض فرنسا.
- إلغاء كل الأسس والأنماط السياسية التي تسير عليها القبائل.
- تهميش الشعب الجزائر وإبعاده عن تسيير شؤونه.
- جعل الشعب الجزائري خاضعا ومستسلما للإدارة الاستعمارية في كل شؤونه.
- استحداث قوانين تخدم المعمرين ويهود الجزائر وتعطيهم امتيازات سياسية تخصهم لوحدهم دون الجزائريين.

إذا كانت هذه السياسة الإدارية الفرنسية في الجزائر فكيف هي السياسة الاقتصادية والاجتماعية؟ 



في الميدان الاقتصادي:
منذ الاحتلال بدأ الاستغلال الكامل للثروات الباطنية والسطحية من معادن وغابات وتسخير اليد العاملة الجزائرية، خاصة وأن الاحتلال تزامن مع بدايات الثورة الصناعية فركزت بذلك على الصناعات الاستخراجية ونقل الثروات لتحويلها في بلادها مما أبقى الجزائر منطقة متخلفة من حيث تصنيع الثروات. كما صادر الاستعمار أجود الأراضي وأخصبها وأهتم بالدرجة الأولى على الزراعات التجارية التي تدر المال إلى خزينة الاستعمار والمعمر. فظهرت شركات لإنتاج الخمور بسبب ازدهار غراسة الكروم حيث أصبح يمثل 3/4 المحصول الجزائري.
هذه السياسة ولدت طبقة فلاحية ممتازة من المعمرين وحدهم يستفيدون من مردود الأرض ماديا وماليا. وطبقة فقيرة محرومة من الشعب الجزائري.  
ومن أخطر ما قام به الاستعمار هو ضرب البنية التحتية الاقتصادية للمجتمع الجزائري، ومنع عنه ما توصل إليه من تطور صناعي وبالتالي فقد ما يملكه ولم يستفد مما وفد إليه. وهي ما تسمى بحياة الحرمان.

1-السياسة الاقتصادية المالية.

* مصادرة الأوقاف الإسلامية بجميع أنواعها وإلحاقها بخزينة الاستعمار.
* فرض غرامات باهظة على كل المناطق الثائرة ومصادرة أملاكهم، وعلى رأسها أجود أراضيهم (وهذا يدخل ضمن سياسة العقوبات الجماعية لكل ثائر أو مقاوم)
* الإمعان في إفقار الشعب الجزائر (وهذا يدخل ضمن سياسة التهجير والتشتيت وتقسيم القبائل)  
* إثقال الشعب الجزائر بالضرائب المختلفة. رغم أن الضريبة كانت مفروضة على الجميع إلا أن المعمرين كانوا يدفعونها وفق قوانين في بلادهم. في مطلع القرن 20 كان الجزائريون يدفعون 46% من الضرائب المباشرة رغم أنهم لا يملكون سوى 37% من ثروات البلاد.

2-السياسة التجارية.
* منذ البداية قضت السلع الفرنسية على الصناعات الأهلية وإنتاج الأهالي وقد ساهم قرار تحويل الجزائر إلى عمالة فرنسية وتوحيد الجمركة بين فرنسا والجزائر في إغراق السوق الجزائرية بالمنتجات الفرنسية ليس لخدمة الشعب بل لخدمة المعمرين وبالتالي الاستغناء عن المنتجات المحلية (وهذا يدخل ضمن سياسة التفقير والتهميش).
* تعتمد التجارة الخارجية على المنتوج الزراعي والثروات المعدنية وكلها محتكرة من طرف المعمرين، مما تولد عن ذلك ازدهار طبقة رأسمالية مالية وفي المقابل طبقة فقيرة تعيش المجاعة والتخلف.
* يتم التبادل التجارة مع البلد الأم(فرنسا) بنسبة تزيد عن 70% من الحركة التجارية.
* تأتي الدول الأوروبية الأخرى في الدرجة الثانية من حيث التبادل.

في الميدان الاجتماعي والثقافي:
عاش الشعب الجزائري معيشة ضنكة في العهد الاستعماري سمتها الإبادة، فأكثر من مليون نسمة أبيدت خلال الفترة الممتدة من 1830 إلى 1845. ثم واصل الاستعمار هذه السياسة في الإبادة الفكرية والروحية والأخلاقية بنشر الجهل والرذيلة وكل ما هو مخالف لعادات الشعب الجزائري. ومن هذه السياسات:
* مصادرة الممتلكات نتج عنه انتشار الفقر والتدهور الصحي والبطالة.
* انتشار ظاهرة الهجرة والتهجير فالأولى كانت إرادية هروبا من سياسة التعسف والتفقير والثانية تدخل ضمن سياسة النفي والطرد. وكانت الهجرة داخلية وخارجية. أما الداخلية فقد تولد عنها اضطراب في التوسيع السكاني حيث هاجر السكان أراضيهم وقراهم إلى المدن، التي لم تكن لتوفر لهم العمل والأمن.
* اتبع الاستعمار سياسة تجهيل مقصودة الهدف منها تكوين جيل أمي مستسلم للمعمر، وبذلك يضمن لنفسه البقاء في الجزائر.
* محو اللغة العربية ومنع التعلم بها في المساجد والكتاتيب والزوايا. وإصدار القوانين التي تعطي للإدارة حق مراقبة المساجد وتسييرها. وكذلك منع فتح المدارس وغيرها وفي المقابل شجعت على نشر تعليم اللغة الفرنسية بين فئات محدودة ومحظوظة من الشعب الجزائري.
* صدرت عدة قوانين تتحكم في سياسة التعليم للجزائريين منها:

- قانون 1904 الذي يمنع شرح القرآن بل يقتصر على تحفيظه وبرخصة من الإدارة، كما يمنع من تدريس التاريخ والجغرافيا الجزائرية.
- في مارس 1938 أصدر وزير التعليم الفرنسي قانون يعتبر اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر.
-  وفي جويلة 1945 أصدرت السلطات الاستعمارية قرارا يفرض على معلمي اللغة العربية معرفة اللغة الفرنسية كشرط أساسي للتوظيف. 

* كما عمدت فرنسا إلى سياسة التبشير والتنصير بشكل ملفت خاصة وأن هذه السياسة كانت منذ بداية الاحتلال حيث حولت الكثير من المساجد إلى كنائس بدءا من جامع كتشاوة. كما لعب الكاردينال لافيجري دورا كبيرا سياسة التنصير حيث كان يقود أكبر مركز أو تجمع تنصيري لم تكن الجزائر المستهدف الوحيد بل كامل أفريقيا. وللتقرب من الشعب الجزائري أنشأ (الآباء البيض والأمهات البيض) سموا كذلك لكونهم كانوا يلبسون اللباس البيض الشبيه باللباس التقليدي الجزائري (البرنس والقندورة) والهدف من ذلك الاندماج التقرب من الشعب مستغلين في ذلك المجاعات والأوبة والأمراض والفقر والجهل فكانوا يقومون بأعمال خيرية لكن كل أعمالهم فشلت.

*في سنة 1878 تأسست مدارس يسيرها مسيحيون فتحت أبوابها للتلاميذ المسلمين ذات طابع تبشيري تنصيري سياسي. (écoles des pères blanc).

اعداد: الأستاذ موساوي

0 التعليقات:

إرسال تعليق